English

إعلان اليمن للعدالة والمصالحة

رؤيتنا

إعلان اليمن للعدالة والمصالحة تحميل كملف PDF

نحن الموقعون أدناه، أعضاء المجتمع المدني اليمني، نعلن مطالبنا المشتركة للنهوض بالعدالة والمصالحة في اليمن. لقد حددنا هذه المطالب بكونها عناصر أساسية في تحقيق سلام عادل وشامل ومستدام في اليمن.

يسعى هذا الإعلان إلى المساهمة في صوغ رؤية مشتركة للمجتمع المدني اليمني بشأن القضايا المتعلقة بالانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان في اليمن. وهو يعلن التزامنا الجماعي بالاقرار بمظالمنا ومعالجتها من خلال نهج يستند إلى حقوق الإنسان من أجل العدالة والمصالحة في اليمن. وإننا نتشاطر الهدف المشترك لبناء مستقبل في اليمن تشارك فيه جميع أطياف المجتمع اليمني.

ونسعى من خلال هذا الإعلان إلى التعبير عن رؤيتنا وأولوياتنا المشتركة لتحقيق العدالة والمصالحة في اليمن، وندعو إلى أن يتجلّى الاعتراف بهذه المطالب في عملية السلام والتسويات السياسية المستقبلية؛ وخريطة طريق العدالة الانتقالية؛ والمبادرات الدولية؛ وكذلك في استجابات العدالة في اليمن والمنطقة.

كذلك فإننا نشجب التجاهل التاريخي للمظالم المتعددة للشعب اليمني، ونلتزم بإنهاء دورات العنف عبرَ السعي إلى المصالحة من خلال العدالة.

إن هذا الإعلان مستقل عن أي حزب أو سلطة سياسية، وهو يحدد المبادئ التي نراها ضرورية للنهوض بحقوق الإنسان لجميع الناس في اليمن ولتحقيق سلام عادل وشامل ومستدام لليمن.

أهمية معالجة مظالم الماضي

نؤكد أهمية معالجة الانتهاكات السابقة التي وقعت خلال النزاع الحالي في اليمن وقبله، لما لهذا من دور في الحيلولة دون تكرار العنف ودوراته مستقبلاً.

إن غياب العدالة يُبقي أسباب النزاع من دون حل ويهدد بإثارة النزاع والمعاناة في المستقبل. ونحن نُقرّ بأن من غير الممكن تحقيق سلام دائم إلّا بمعالجة الفظائع التي ارتكبت في الماضي وتلبية المطالب الحالية بتحقيق العدالة. لقد ساهم إهمال المظالم السابقة إسهاماً كبيراً في النزاع المستمر، ونحن ندعو جميع أصحاب المصلحة إلى تجنّب الأخطاء المماثلة في المستقبل.

ونُعرب عن رفضنا لأي عملية سياسية تتجاهل دعوتنا للعدالة، أو تسعى إلى المساومة على مطالبنا مقابل ما يسمّى بالاستقرار السياسي، إذ لا يمكن تحقيق السلام المستدام والدائم إلا بالترحيب بالمصالحة من خلال العدالة.

إن هذه الوثيقة بمثابة مُنطلَق لخريطة طريق العدالة بعد انتهاء النزاع في اليمن، إقراراً بالطابع المعقّد والمتنوع لمظالمنا. وتسترشد خريطة الطريق هذه بالسياق التاريخي والاجتماعي والاقتصادي لليمن.


أهدافنا

ندعو جميع الجهات الفاعلة المعنية في اليمن وفي المنطقة وفي المجتمع الدولي إلى الالتزام بالعدالة بعد انتهاء النزاع باعتبارها ركيزة أساسية للسلام في اليمن، ومتابعة المطالب المنصوص عليها في هذا الإعلان. ونحن نسعى من خلال هذا الإعلان إلى إرشاد:


المبادئ التوجيهية

تستند رؤيتنا وأهدافنا إلى مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تُوحّد سعينا لتحقيق العدالة، وتشمل هذه المبادىء ما يلي:

  1. الشمولُ والمشاركة

نطالب بإشراك جميع أصحاب المصلحة، أي النساء والشباب والأقليات والأشخاص ذوو الإعاقة والفئات المهمشة والضحايا والناجين من انتهاكات الحقوق ومنظمات المجتمع المدني في عملية السلام في اليمن وفي مستقبله السياسي. وبالمثل، ينبغي أن تهدف عمليات العدالة إلى صون حقوق جميع الناس في اليمن، بغضّ النظر عن العرق أو الإثنية أو الجنس أو النوع الاجتماعي أو المنطقة الجغرافية أو العمر أو الدين أو الطائفة أو الحالة الصحية أو الوضع الاقتصادي أو الخلفية الاجتماعية أو الانتماء السياسي أو أي معتقد أو هُوية شخصية أو طائفية أخرى.

  1. اتّباع نهج يُركّز على الضحايا

نؤكد أنّ لصوت الضحايا والناجين وفاعليتهم واحتياجاتهم بالِغُ الأهمية في أي عملية قضائية، وينبغي للضحايا أنفسهم أن يحددوا مطالبهم، كما ينبغي احترام حقوق الضحايا، بما في ذلك الحق في الانتصاف. ويجب إعطاء الضحايا دوراً رئيسياً في عمليات العدالة بعد انتهاء النزاع، ويجب أن تكون تطلعاتهم واحتياجاتهم أساسية لضمان سلام دائم في اليمن. وندعو جميع أصحاب المصلحة إلى الالتزام بتوسيع قدرات الضحايا والأشخاص المتضررين وتعزيز دورهم في النقاشات المتصلة بالعدالة والسلام في اليمن، بما في ذلك مفاوضات السلام والتسويات السياسية.

  1. المساواة والشمول الجنسانيَّين

نحن نطالب بعملية انتقالية تُقِر بحقوق الإنسان الكاملة للمرأة داخل المجتمع اليمني وتحترمها، وبعملية سياسية تشمل أصوات النساء وتجاربهن. ونُدرك التجارب المتباينة للنساء والفتيات بكونهنّ من الأشخاص المتأثرين بالنزاع اليمني، ونُبرز أهمية معالجة مظالمهن في أي سياق عدالة بعد انتهاء النزاع. ونلتزم بمواجهة الوصمة الاجتماعية التي تؤثر تأثيراً غير متناسب على النساء والفتيات اللواتي عانين من انتهاكات حقوقهن أثناء النزاع، مع ضمان أهمية عدم إلحاق المزيد من الضرر الذي لحق بالضحايا والناجيات.

  1. الحقيقة وتخليد الذكرى

نؤكد أهمية السعي إلى معرفة الحقيقة بكونها عنصراً أساسياً من عناصر العدالة. إن المعلومات الموثوقة التي تكشف عن الظروف والحقائق المحيطة بالانتهاكات التي يعاني منها جميع الناس في اليمن هي مفتاح السلام المستدام، ويجب أن تسترشد بها مبادرات العدالة بعد انتهاء النزاع، بما في ذلك تخليد الذكرى. يجب البتُّ في الحقيقة من خلال التوثيق والتحقيقات الفعّالة، ويجب أن يتبع تحديد الحقيقة اعترافٌ عام من قبل الجهات الفاعلة المخالِفة وأن تُقَرّ كجزء من الذاكرة التاريخية في اليمن.

  1. جبر الضرر والتعويضات

نطالب بالاعتراف بحق الضحايا والأشخاص المتضررين في الحصول على جبر الضرر والتعويضات عن الخسائر المادية والمعنوية والأضرار التي لحقت بهم. وينبغي توفير الجبر والتعويضات لجميع الضحايا والأشخاص المتضررين دون أي شكل من أشكال التمييز، وينبغي ألا يعتبر هذا بديلاً عن أي حق آخر مستحق لهم. وينبغي أن تكون التعويضات كافية وفعالة وسريعة، وأن تتناسب مع جسامة الانتهاك والضرر الواقِعَين، وأن تشمل الاعتراف بالخطأ المرتكب، وينبغي أن تفي التعويضات باحتياجات الضحايا والأشخاص المتضررين، على النحو الذي يحددونه.

  1. المساءلة

ندعو إلى مساءلة مستقلة ومحايدة وعادلة عن جميع الجرائم المرتكبة في اليمن بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ونحن نرفض الحصانات العامة أو العدالة الانتقائية، ونؤيد مساءلة جميع أطراف النزاع. لقد أفضى الفشل في معالجة الفظائع في الماضي إلى ثقافة الإفلات من العقاب عبر الأجيال، ما أدى بدوره إلى تهميش العديد من الضحايا والمجتمعات المحلية في اليمن.

  1. المصالحة والتماسك الاجتماعي ومنع العنف في المستقبل

نحن نطالب بعملية لما بعد النزاع تسعى إلى إنهاء العنف الدوري في اليمن وإلى تحقيق التماسك الاجتماعي والمصالحة. ونسعى إلى منع نشوب النزاعات في المستقبل عن طريق تحديد أسبابها الكامنة ومعالجتها والسعي إلى الحصول على ضمانات بعدم التكرار. ونرفض أعمال الانتقام والعقاب الجماعي، ونتبنّى الأجيال القادمة في اليمن. كما نُقرّ بأهمية الصّيغ المحلية للعدالة وحل النزاعات وننظر إلى هذه العمليات التقليدية على أنها جزء لا يتجزأ من سلام عادل وشامل ومستدام في اليمن.

  1. التضامنُ والطابع العالمي لحقوق الإنسان

نشدد على أن حقوق جميع الناس في اليمن هي عناصر أساسية في رؤيتنا الجماعية للعدالة، ونقف متضامنين مع جميع المجتمعات المتضررة في اليمن طوال دورات العنف. ونُقرّ بعالمية حقوق الإنسان، وندعو إلى تطبيق الصكوك القانونية الدولية الرئيسية لإثراء مفاوضات السلام، والتسوية السياسية، وعملية العدالة بعد انتهاء النزاع، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف، ومعاهدات حقوق الإنسان في إطار منظومة الأمم المتحدة، ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر للضحايا، والقواعد القطعية بموجب القانون الدولي العرفي.

  1. احترام القوانين والعادات والتقاليد المحلية

نشدد على أهمية ديناميات اليمن وقوانينه وتقاليده التي تتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وعلى احترامنا لها. نحن ننظر إلى العادات والتقاليد المحلية على أنها عنصر أساسي لتحقيق المصالحة وتعزيزها، ونسعى إلى المشاركة النشطة مع المجتمعات المحلية في جميع أنحاء اليمن.


مظالمنا

لا تقتصر مظالمنا على منطقة واحدة أو مجموعة اجتماعية دون غيرها، بل إنّ مظالمنا مشتركة ومترابطة، وتمتد عبر جميع أنحاء البلاد ولها تجليّاتها المتنوعة. ونحن نُعرب عن تضامننا مع جميع المظالم الناشئة عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني والجرائم الدولية بحق الناس في اليمن، وندرك ترابط العديد من هذه الجرائم. كما نُقرّ بضلوع مختلف الأطراف الوطنية والدولية في النزاع وفي انتهاك حقوق الشعب اليمني. ولئن كان من المستحيل سرد جميع مظالمنا، إلّا أننا نطالب بأن تعالج أي عملية عدالة ما بعد النزاع في اليمن الانتهاكات الناشئة في السياقات التالية:


الخلاصة

لقد حددنا رؤيتنا وأهدافنا ومبادئنا التوجيهية ومظالمنا كخطوة أولية نحو الانخراط في مناقشات أعمق بشأن العدالة في مرحلة ما بعد النزاع في اليمن. ونحن نُقرّ بأن تنفيذ رؤيتنا ومطالبنا يستلزم اتخاذ تدابير فورية وفي المدى الأبعد؛ وإننا على استعداد للعمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين للشروع في هذه الخطوات.

تقتضي عملية العدالة والمصالحة الناجحة التخطيط والوقت والموارد والمشاورات المكثفة. وفي هذا الصدد فإننا ندعو إلى اتخاذ إجراءات إقليمية ودولية لدعم مطالب العدالة هذه، ونرى أن من الأهمية بمكان المضي قدماً في المناقشات بشأن العدالة في اليمن في أقرب وقت ممكن، وأنّ تأخير العملية سيزيد من معاناة الضحايا والأشخاص المتضررين.


التواقيع

نحن الموقعون أدناه، أعضاء المجتمع المدني اليمني، نتحد حول هذه الوثيقة لنعلن التزامنا بسلام عادل وشامل ومستدام للأجيال الحالية والمستقبلية في اليمن.


هذا الإعلان متاحٌ للتوقيع لأي عضو في المجتمع المدني اليمني يؤيد المبادئ والأولويات الواردة في هذه الوثيقة، لإضافة توقيعك والانضمام إلى هذه الجهود قم بتعبئة الاستمارة أدناه.